10/09/2014
الغد - الروح في الإقتصاد
الغد - للاقتصاد روح خاصّة به، تماما كما للتخطيط الماليّ عقل وتنظيم وأذرع للتنفيذ. والرقم ليس شيئا محايدا لتختزله إحصاءات باردة، فيُخضع لها من دون تورّط الجميع. ففي داخل الرقم حقائق وأسئلة، بعضها بديهيّ أو صعب، مثل: كم يدخُلنا بالضبط؟ هل نصرف أكثر من مدخولنا؟ وعلى ماذا ننفق؟ هل نعمل كفايّة لتحقيق مردود؟ وهل نلمس أثر ذلك على جودة الحياة؟ هل يعمل الجميع؟ بماذا وأين يعملون؟ وهل يظهر الفارق؟ بكم نحن مدينون ولماذا؟ ما هي البطالة بالضبط؟ من الذي يُقرضنا؟ وما هي استحقاقات الإقراض على مستقبلنا العام؟ أين تذهب أموال دافعي الضرائب؟ ومن الذي يدير الرؤى الاقتصاديّة بالمجمل؟.. وغيرها الكثير من الأسئلة التي يصبح فيها الكل معنيا ومشمولا بحصيلة الرقم؛ شاء ذلك أم أبى؛ اعترض على ذلك أم لم يعترض؛ فهم بالاقتصاد أو لم يفهم؛ كان داخل المؤسسة الرسميّة أو خارجها.
وستظلّ الأرقام هي القاضي ومرآتنا التي تعكس حقائقنا وما مضى؛ فبعد هضمها وتحليلها تظهر فيها القرارات والسياسات، وتُستنتج منها الأدوار وشكل الإدارة. ومنها تُستنبط الأنماط والأعراف والعادات، وتُقرأ التوجّهات، وكل شيء.
وفي الروح هذه تقبع مفاهيم محدّدة يحملُها أصحاب العلاقة بشكل نظرّيات ومدارس وأفكار وقناعات، يُحضرونها معهم إلى مائدة التخطيط المالي، وقد يكون من بينها التفاخر بالدين، وتعزيز التبعيّة الاقتصاديّة والصناعيّة، والتسويف، والإسراف، ومعالجة العارض لا السبب، والاستغلال؛ أو قد تسود مفاهيم أخرى مثل الإحساس بالوفرة عبر العمل الشاق، وقياس الأداء، ومحاسبة كائن من كان بالفلس عبر نصّ القانون، وتفهّم الحاجات الحقيقيّة لعنصر الإنتاج بمكوّن "الروح" لديه.
فمثلا، عبر استلهام مبدأ أخلاقي في التعاملات، مثل الحرص، ستختار القوة العاملة والمستشارون، طوعا، بدائل وفر في الحركة العامّة؛ كأن يرضوا بتذكرة الدرجة العاديّة لأنهم يعلمون أن الفاتورة ستخرج من جيب الخزينة، أي ستُدفع في النهاية من ضرائبهم هم.
"فرج الناس على الناس.. ورزق الناس على الناس"؛ مثلٌ قديم يُفهم منه أنّ الناس تدعم بعضها بعضا فتزدهر. ففي حدث اقتصاديّ مهم مثل قطاف الزيتون في المجتمع الزراعي، يحرص الجميع أن يتمكّن صاحب الأرض من قطف زيتونه بسرعة، ليُحقّق اكتفاء ذاتيّا؛ وليبيعه بسرعة إلى آخر فيعتاش؛ ليدفع به الأخير إلى معصرة الحيّ فتعصره بدورها وتعتاش؛ ثمّ لتدفع به الى التاجر فيبيعه لمستهلك ويعتاش. وفي الطريق، تُقام مآدب عبقريّة في بساطتها، مثل "المسخّن"؛ فيُستخدم ذات الزيت وذات القمح، فتتحقّق بذلك وفرة اجتماعيّة وروحيّة من نوع آخر! وما الذي يدفع أحدهم مثلا إلى شراء مادّة من محلّ بعيد، فيصرفُ الوقت والمحروقات، ولا يشتري من تاجر الحيّ بفرق بضعة دنانير؟ وماذا يحدث عندما تتجاهل الدولة المورّد أو المصنع الأردني؟ وما هي "حسبة" عدم إغلاق السنوات الماليّة والدفاتر المفتوحة على الدولة مع شركات أصبحت هي التي تُنادي على المُحصّل لتدفع ضرائبها لتخلص!
إذن، هنا لا بدّ من استحضار روح جديدة في الاقتصاد، تديرها بوصلة القيمة، التي من بينها الحرص وقيمة الوقت، وعبر التأكيد على تحقيق منفعة للآخر في معادلة الإنتاج وباكتمال الدورات.
في بلد مثل ألمانيا، يُولد المُواطن بفكرة التفوّق الاقتصادي ويرثُها، في الوقت الذي تهزمنا نحن الأرقام، ذلك ما لم تقتنع أرواحنا بحق بأنّ وزير الماليّة ليس حارس الخزنة، بل نحن حُرّاسها، وبأنّ القرارات التي سنأخذها اليوم نأخذها على عاتقنا؛ فنحن من يرسم مستقبله الماليّ.
وستظلّ الأرقام هي القاضي ومرآتنا التي تعكس حقائقنا وما مضى؛ فبعد هضمها وتحليلها تظهر فيها القرارات والسياسات، وتُستنتج منها الأدوار وشكل الإدارة. ومنها تُستنبط الأنماط والأعراف والعادات، وتُقرأ التوجّهات، وكل شيء.
وفي الروح هذه تقبع مفاهيم محدّدة يحملُها أصحاب العلاقة بشكل نظرّيات ومدارس وأفكار وقناعات، يُحضرونها معهم إلى مائدة التخطيط المالي، وقد يكون من بينها التفاخر بالدين، وتعزيز التبعيّة الاقتصاديّة والصناعيّة، والتسويف، والإسراف، ومعالجة العارض لا السبب، والاستغلال؛ أو قد تسود مفاهيم أخرى مثل الإحساس بالوفرة عبر العمل الشاق، وقياس الأداء، ومحاسبة كائن من كان بالفلس عبر نصّ القانون، وتفهّم الحاجات الحقيقيّة لعنصر الإنتاج بمكوّن "الروح" لديه.
فمثلا، عبر استلهام مبدأ أخلاقي في التعاملات، مثل الحرص، ستختار القوة العاملة والمستشارون، طوعا، بدائل وفر في الحركة العامّة؛ كأن يرضوا بتذكرة الدرجة العاديّة لأنهم يعلمون أن الفاتورة ستخرج من جيب الخزينة، أي ستُدفع في النهاية من ضرائبهم هم.
"فرج الناس على الناس.. ورزق الناس على الناس"؛ مثلٌ قديم يُفهم منه أنّ الناس تدعم بعضها بعضا فتزدهر. ففي حدث اقتصاديّ مهم مثل قطاف الزيتون في المجتمع الزراعي، يحرص الجميع أن يتمكّن صاحب الأرض من قطف زيتونه بسرعة، ليُحقّق اكتفاء ذاتيّا؛ وليبيعه بسرعة إلى آخر فيعتاش؛ ليدفع به الأخير إلى معصرة الحيّ فتعصره بدورها وتعتاش؛ ثمّ لتدفع به الى التاجر فيبيعه لمستهلك ويعتاش. وفي الطريق، تُقام مآدب عبقريّة في بساطتها، مثل "المسخّن"؛ فيُستخدم ذات الزيت وذات القمح، فتتحقّق بذلك وفرة اجتماعيّة وروحيّة من نوع آخر! وما الذي يدفع أحدهم مثلا إلى شراء مادّة من محلّ بعيد، فيصرفُ الوقت والمحروقات، ولا يشتري من تاجر الحيّ بفرق بضعة دنانير؟ وماذا يحدث عندما تتجاهل الدولة المورّد أو المصنع الأردني؟ وما هي "حسبة" عدم إغلاق السنوات الماليّة والدفاتر المفتوحة على الدولة مع شركات أصبحت هي التي تُنادي على المُحصّل لتدفع ضرائبها لتخلص!
إذن، هنا لا بدّ من استحضار روح جديدة في الاقتصاد، تديرها بوصلة القيمة، التي من بينها الحرص وقيمة الوقت، وعبر التأكيد على تحقيق منفعة للآخر في معادلة الإنتاج وباكتمال الدورات.
في بلد مثل ألمانيا، يُولد المُواطن بفكرة التفوّق الاقتصادي ويرثُها، في الوقت الذي تهزمنا نحن الأرقام، ذلك ما لم تقتنع أرواحنا بحق بأنّ وزير الماليّة ليس حارس الخزنة، بل نحن حُرّاسها، وبأنّ القرارات التي سنأخذها اليوم نأخذها على عاتقنا؛ فنحن من يرسم مستقبله الماليّ.
*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات