29/04/2014
الغد - الفرق بين الحمام الزاجل والبريد الأردني
الغد - أحمل في قلبي "معزّة" خاصّة لمكتب البريد الأردني؛ لدوره الأساسي في عمليّة تواصلي مع العالم، عندما كنا ننتظر رسائل الشوق التي أرسلها الأحبّة من الخليج ومن الخارج. حينها، في فترة السبعينيّات وأواخر الثمانينيات، كانت الرحلة إلى مكتب البريد مثل الحجّ إلى المُقدّس! فالرسائل المخطوطة بعرق الاغتراب والحنين، حملت معها الأمل والعلم والخبر والدعم على كل المستويات. وحتّى النقود التي كانت تُحشر في المظاريف، وصلت مقصدها!
وأجزمُ اليوم أن من اخترع التراسل هما طفلان كانا يلعبان في أحد حقول القمح المُمتدّة بقدر الحاجة وبحجم الاشتياق، فحدث الوصل بحبل مشدود بين مُعلّبتين، فسمعا بعضهما بعضا عن بعد أوّل خمسة أمتار؛ حيث شهدت عليهما حمامة زاجلة بيضاء، قامت بنشر الخبر للقاصي والداني لحين ولادة السيدين أريكسون وجراهام بيل! وباشتداد العود، وبعد أن تعلّما حُسن الاستماع، وفعل الكتابة والقراءة والتذّوق، وتطوّرت لديهما حاسّة البوح، تجلّت لهما عصفورة مُغرّدة شقيّة لا تهدأ، اسمها "تويتر". أمّا عن قصة الأسلاك المربوطة بصندوق اسمه الحاسوب، فتلك الحزمة أنجبت صبيّا ثرثارا اسمه "سكايب"، أصبح يتراسل بالصوت والصورة، وقصصه لا تنتهي. وهو اليوم يعيشُ في السحاب وفي أفق الأزرق. بعدها أصبحنا نبغضُ صناديق الحديد والمفاتيح، والحمام طار.
البريدُ الأردني مؤسسة عريقة بخدماتها التي بدأت مبكرة كبريد وبرق وهاتف، بقيام حكومة "مجلس النُظّار" منذ العام 1927. وهو أصدر الطوابع برموز البدايات والطموح. وأضيفت خدمات الهاتف بشكل "مقاسم" منذ الأربعينيات إلى نظارة البريد، لحين إنشاء هيئة لتنظيم قطاع الاتصالات في التسعينيات، فباشرت شركة البريد الأردني عملها كمشغل عام للبريد منذ العام 2003، وسُمّيت وزارة خاصّة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كما نعرفها اليوم.
مُشكلة شركة البريد ليست كلّها إداريّة، عكس مؤسسات وطنيّة أخرى قابلة للتدوير. أي أنها لن تتمكن بحسابات التطوّر من أن تظلّ قابضة على دورها الأصلي حتى لا يعود لها دور، ما لم تُقرر استحداث دور جديد جذريّا! وهذا ما دعاني للسؤال عن الدور الجديد؛ الحقيقي والواقعي، لمؤسسة البريد؟ فبعد فصل الورق والقلم والهاتف والتلفون والحاسوب والخلوي والعصافير الالكترونيّة وقطاع الشحن والتخليص والبريد الخاص، ما هو هذا الدور؟ وأين هو البريد؟
وعكس الحمام الزاجل، فالمؤسسة شبكة واقعيّة ضاربة في الأرض بخاصيّة يمكن توظيفها بخدمات ابتدأت عبر تسهيل بعض المعاملات الحكومية. وكانت هذه خطوة مُهمّة للبريد نحو توظيف مقبل لخدمات تكنولوجيا المعلومات، بوجود ما يقارب 400 مكتب تبدو اليوم باهتة، وتحتاج إلى إعادة طرح (Re-Branding). ويمكن تحويلها إلى محطّات معرفة ومكتبات إلكترونية بصورة عصرية. ولا بد من تمكين البريد ليكون "بنكاً" بالمعنى الكامل للبنك، على غرار مكاتب البريد في السويد مثلا؛ لتنفيذ برامج الحكومة الإلكترونية، وبالذات الدفع الإلكتروني.
وأجزمُ اليوم أن من اخترع التراسل هما طفلان كانا يلعبان في أحد حقول القمح المُمتدّة بقدر الحاجة وبحجم الاشتياق، فحدث الوصل بحبل مشدود بين مُعلّبتين، فسمعا بعضهما بعضا عن بعد أوّل خمسة أمتار؛ حيث شهدت عليهما حمامة زاجلة بيضاء، قامت بنشر الخبر للقاصي والداني لحين ولادة السيدين أريكسون وجراهام بيل! وباشتداد العود، وبعد أن تعلّما حُسن الاستماع، وفعل الكتابة والقراءة والتذّوق، وتطوّرت لديهما حاسّة البوح، تجلّت لهما عصفورة مُغرّدة شقيّة لا تهدأ، اسمها "تويتر". أمّا عن قصة الأسلاك المربوطة بصندوق اسمه الحاسوب، فتلك الحزمة أنجبت صبيّا ثرثارا اسمه "سكايب"، أصبح يتراسل بالصوت والصورة، وقصصه لا تنتهي. وهو اليوم يعيشُ في السحاب وفي أفق الأزرق. بعدها أصبحنا نبغضُ صناديق الحديد والمفاتيح، والحمام طار.
البريدُ الأردني مؤسسة عريقة بخدماتها التي بدأت مبكرة كبريد وبرق وهاتف، بقيام حكومة "مجلس النُظّار" منذ العام 1927. وهو أصدر الطوابع برموز البدايات والطموح. وأضيفت خدمات الهاتف بشكل "مقاسم" منذ الأربعينيات إلى نظارة البريد، لحين إنشاء هيئة لتنظيم قطاع الاتصالات في التسعينيات، فباشرت شركة البريد الأردني عملها كمشغل عام للبريد منذ العام 2003، وسُمّيت وزارة خاصّة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كما نعرفها اليوم.
مُشكلة شركة البريد ليست كلّها إداريّة، عكس مؤسسات وطنيّة أخرى قابلة للتدوير. أي أنها لن تتمكن بحسابات التطوّر من أن تظلّ قابضة على دورها الأصلي حتى لا يعود لها دور، ما لم تُقرر استحداث دور جديد جذريّا! وهذا ما دعاني للسؤال عن الدور الجديد؛ الحقيقي والواقعي، لمؤسسة البريد؟ فبعد فصل الورق والقلم والهاتف والتلفون والحاسوب والخلوي والعصافير الالكترونيّة وقطاع الشحن والتخليص والبريد الخاص، ما هو هذا الدور؟ وأين هو البريد؟
وعكس الحمام الزاجل، فالمؤسسة شبكة واقعيّة ضاربة في الأرض بخاصيّة يمكن توظيفها بخدمات ابتدأت عبر تسهيل بعض المعاملات الحكومية. وكانت هذه خطوة مُهمّة للبريد نحو توظيف مقبل لخدمات تكنولوجيا المعلومات، بوجود ما يقارب 400 مكتب تبدو اليوم باهتة، وتحتاج إلى إعادة طرح (Re-Branding). ويمكن تحويلها إلى محطّات معرفة ومكتبات إلكترونية بصورة عصرية. ولا بد من تمكين البريد ليكون "بنكاً" بالمعنى الكامل للبنك، على غرار مكاتب البريد في السويد مثلا؛ لتنفيذ برامج الحكومة الإلكترونية، وبالذات الدفع الإلكتروني.
فأهم دور مقبل للبريد هو تنفيذه لعمليّة التجارة الإلكترونية؛ من مهام نقل وتوزيع وشحن داخل المملكة بكل أرجائها، بحيث تتحول طواقم البريد إلى عصافير مُتحرّكة، تحمل وتنقل البضائع بسلاسة إلى بيوت الناس والشركات وكل المرافق، ممّا سيحفز التجارة الإلكترونية عندما يطمئن الناس إلى الدفع وإلى استلام البضائع. وبهذا ستدخلُ مؤسسة البريد في عمق وواقع التجارة المحليّة.
*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات